غياب الثقافة الديمقراطية لدى النخب التونسية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/6230776ced8825.21983156_jqlhgepmkofin.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الاستاذ بولبابه سالم


من اسباب انتكاسة المسار الديمقراطي في تونس هو مواقف النخب المرتبكة و المتذبذبة ، و طبعا اتحدث هنا عن المثقفين ومكونات المجتمع المدني و النشطاء السياسيين و النقابيين و مجمل العاملين في الحقل الاعلامي ،،، هؤلاء كشفهم حدث 25 جويلية و تلونوا ، بعضهم اختار الصمت و اخرون باركوا ما فعله الرئيس قيس سعيد و انتظر البعض نصيبهم من كعكة السلطة التي لم يسعفهم فيها الصندوق الانتخابي لذلك تسابقت بعض الدكاكين الحزبية التي لفظها الشعب الى الاصطفاف وراء الرئيس طمعا في المناصب و تشفيا من غريم سياسي لم يقدروا عليه انتخابيا ،،
...

اما الجمعيات و المنظمات التي ملأت الساحة ضجيجا خلال عشرية كاملة فقد صمتت صمت القبور و اكتفت بييانات خجولة ،فيما عاد جزء كبير من الاعلام الى عاداته القديمة في التطبيل و التبييض بعد ان حررتهم الثورة و اطلقت السنتهم دماء الشهداء ، و هاهم اليوم يعودون الى تدمير الوعي و الكذب و الافتراء و يذكرون اولي الالباب بجريدتي الحدث و الاعلان زمن التسعينيات و ما تضمنتهما من استباحة و تشويه لمعارضي النظام . اليوم اكتسح المشهد قدماء القوادين و فلول اليسار الوظيفي ، و صرنا نسمع خطابات فاشية مقززة و دعوات الى الاحتراب دون رادع،، وحده حزب العمال و حمة الهمامي حافظا على مواقفهما المبدئية رغم تغير انظمة الحكم .
قطاع واسع من المعارضة التونسية يرفض اجراءات الرئيس قيس سعيد و بعضهم صار اكثر راديكالية مثل التيار الديمقراطي الذي طالب رئيسه غازي الشةاشي امس الاثنين بضرورة عودة البرلمان للنظر في مسائل عاجلة .. للنخب حساباتها الشخصية اساسا و لا تهمها مصلحة البلاد و لكل حزب حساباته لذلك بقيت المعارضة التونسية مشتتة مما جعل رئيس الدولة يفعل ما يريد باريحية وهو يدرك حجم التناقضات بينهم اضافة الى انه شاهد على صراعاتهم زمن تشكيل الحكومات التي تلت اتتخابات 2019 .
ابتكر العقل البشري الديمقراطية من اجل التداول السلمي على السلطة وادارة الاختلاف السياسي بطرق سلمية ، و اذا لم تكن قيمة الديمقراطية قاسما مشتركا بين النخب فلن تستوطن في الأرض ،، بعضهم يرفعون الشعارات الكبيرة لكن تفضحهم مواقفهم و خياراتهم ،، هناك من يقبل آليات الديمقراطية لكنه يرفض تتائجها ، و من المهم التذكير ان التعايش السلمي و الاعتراف بالاخر ضروري لبناء للديمقراطية الحقيقية لكن الواقع يكذب ذلك للاسف الشديد .. و من اجمل ما قال المفكر و المؤرخ هشام جعيط ان تونس تحتاج الى جيل كامل لترسيخ الديمقراطية بسبب نقص الثقافة الديمقراطية لدى الاجيال الحالية التي عاشت على التتافي و الصراعات الايديولوجية المدمرة مما جعل مشاغلها بعيدة عن مشاغل للتونسيين الحقيقية.
السياسة بما هي فن تدبير شؤون الناس تحولت الى مناكفات و اتهامات و ساهمت بعض المنصات الاعلامية المشبوهة في ترذيل المشهد عبر دعوة التافهين و المرتزقة ليساهموا في تدمير الحياة السياسية ، فغابت السياسة و حضر التهريج ،، و من النادر ان نسمع صراع برامج لانقاذ البلاد او جملا سياسية لها مضامين تطور وعي المواطن لذلك اصبحت فضاءات التواصل الاجتماعي مجالا للسباب و نشر الكراهية و تقسيم المجتمع ..
يظل وعي المواطن متدنيا اذا يعي ان الديمقراطية هي السبيل الى التطور و التقدم و تكريس الشفافية و المحاسبة ،، و اذا لم تع الطبقة السياسية ان الديمقراطية هي التنمية كما قال وزير الاقتصاد الأمريكي السابق ماكنمارا فسنبقى نعيش صراعا عبثيا يكون مبتغاه توفير المواد الاساسية لكل مواطن .

كاتب و محلل سياسي



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 242774


babnet
All Radio in One    
*.*.*