الافراط ... في راس العام

<img src=http://www.babnet.net/images/1b/happy-new-year-resolutions720.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مــــــازن

التونسي العجيب الذي جلب أنظار العالم منذ سنين لثورة زعزعت المنطقة بأسرها، مفرط بطبعه يهوى الادمان على الاستهلاك بجميع وجوهه و أبوابه. فبعد الافراط في التفكير و صناعة الصواريخ الضحكة و بعد موتور 4L الذي ثبّت لهيكل شبيه للهيليكوبتر أفرط التونسي في التضجر من الثورة و من الندم ثم أفرط في الحنين الى المخلوع فبثوا له صورا حديثة و جددوا له العهد بالدموع.

...

عاش التونسي الأيام التي خلت على وقع الافراط في الحلويات التي اصطفت لأجلها الصفوف مئات الأمتار أمام باعة المرطبات، كل قدير وقدرو وكل ولهان بما حوى الصندوق. بعضها تجاوز عشرة دنانير و أغلبها تضاعفت لأجلها عشرات الدنانير. لا يهمّ ما حوت و من أيّ مواد أعدّت وهل احترمت قواعد الصحة وآجال الصلاحية، لكن المهم هو ربما حجم الصندوق والعلامة المسجلة عليه حتى يتباهى بها أمام الجيران والأصحاب والخلان. اصطف القوم أيضا أمام الحماصة فهي ليلة السعد عندهم أين تشترى المكسرات و قلوب عباد الشمس، و لوحظ جليا الافراط : هات من هذا، هات من ذاك، رطل من اللوز، نصف رطل من الفستق، لا تنسى الحلويات و الحماص يلهث جاريا ويردد حاضر .
صفوف اخرى نظمت على مراد الله أمام بائعي الخمور بنوعيها : قانونية وخلسة، للتزود بمشروب السهرة الكريه المرير المسكر المفسد المفتاح لأبواب الفحش و قلة الأدب. يقفون متلهفين يدفعهم لذلك رغبة في الافراط في الشرب: هات حارتين، هات ثلاثة، هات قاجو ، كل قدير وقدرو . الكل يرغب في الانتشاء حتى لا يرى ديكا ولا حمارا ثم يستفيق آخر اليوم في أبواله و رفثه و أدرانه ورائحته التي لا تكاد تغادره يوما لتلتصق به أياما.
افراط آخر تلحظه ليلة رأس السنة في استهلاك الدواجن بأنواعها والبيض حيث ترتفع الأسعار و يفتقد الزوالي قوته من البروتين الحيواني الوحيد الذي لا زال في متناوله. يرتفع سعر الدجاج و الديك الرومي بجميع أنواعه طازجا أو مطبوخا ولكن الغاية افراط في السهر والنهم و العام الدامي يغادرنا دون رجعة. في رأس السنة لن يكون افراط في التشكي من غلاء الأسعار و لا من ندرة بعض المواد الاستهلاكية.
افراط من نوع آخر في البذاءة و الهبوط الأخلاقي والثقافي يتداول ليلة راس العام على قنواتنا الاعلامية. هنالك يتغلب العراء في جميع الأحوال رغم برودة الطقس لأنّ مدعوات البلاتوات أفرطوا في اظهار أجسادهن للعموم فغاب الذوق و غاب الصوت العذب و غابت معهما الثقافة ان كانت هي المبتغى. في ليلة راس العام يتناول الاعلام الحدث كعادته من باب ترشيد الاستهلاك والدورة الاقتصادية و الانتباه ساعة قيادة العربات لفرط الشرب وفرط قلة الانتباه. لا يتناول الاعلام المأدلج ضرورة تأصيل الشباب في هويتهم فيحتفلون براس العام ، الذي أصبح قدرا جرته العولمة، كما يفعل بقية الشعوب في كنف خصوصياتهم . انظروا الى شعوب الهند والصين وكوريا و الترك والفرس و غيرهم من الأقوام كيف يحتفلون وكيف يقيمون عاما انقضى ليستفيدوا من أخطائهم و يدعموا نموهم الاقتصادي، وخالفوا أعراب دبي الذين كادوا أن يكونوا حطبا لحريق برج خليفة في ساعة افراط في الفحش و المجون.





   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 117945

Amor2  ()  |Samedi 2 Janvier 2016 à 13:58           
الشعب التونسي مفرط في كل شيء ... حتى في قلة الحياء!!!!! شعب ملهوف...

BenMoussa  (Tunisia)  |Samedi 2 Janvier 2016 à 08:48           
حقائق تدمي القلب عن شعب يدمن الافراط والتفريط
الافراط في الانانية والتفريط في المبادئ والقيم الا من رحم ربي

MOUSALIM  (Tunisia)  |Samedi 2 Janvier 2016 à 06:19           
تحية صباحية إلى الجميع ونبدأ بهذا المقال عن الإفراط الإستهلاكي في رأس العام وهو شر لا يمكن تفاديه إلا عبر الترشيد العقلاني عبر الرسائل الإيجابية في كل الفضاءات المتاحة كالمواقع الإجتماعية وكل فرد هو بمثابة جهاز إعلامي متنقل قد يكون إيجابيا أو سلبيا وكما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام -"إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ"وهو ما يؤكده القرآن الكريم ورسالته الإعلامية العالمية .وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ .وآدم وإبليس هما جهازي
إعلام متنوعين ومختلفين لكل منهما مهمته الخاصة والحل هو تكثيف الإعلام الإيجابي حتى تترسخ العقلانية في صفوف الطبقة العامة للشعب .


babnet
All Radio in One    
*.*.*