لا تنبش في فم التمساح
لدينا مثل شائع في السودان فحواه أن صاحب الشيء المفقود يفتح فم التمساح، ويقال ذلك للدلالة على أن الباحث عن شيء عزيز لا يتردد في ركوب المخاطر، بل وفي أحيان كثيرة يقدم على حماقات قد تكون وخيمة العواقب، ومن ذلك أن يلجأ تاجر كسدت بضاعته أو كادت إلى "قارئة حظ" لترى ما إذا كان سيفوز بهذه الصفقة أو تلك أو "لتكتيف" منافسيه بـ"عمل"، يجعلهم يرتكبون قرارات خاطئة، أو حتى يذهب بعقولهم أو أرواحهم، وينحدر البعض إلى وهدة الاستعانة بمن يحولون خمسين ألف دولار إلى خمسة ملايين، دون أن يسألوا أنفسهم لماذا لا يقوم جماعة تحويل الألف إلى مليون وكلهم من بلدان فقيرة إلى تحويل عملات بلادهم الكحيانة إلى مليارات بالدولار أو اليورو، أو لماذا يتقاضى العراف أبو العريف أتعابا بالنقد والذهب طالما أن لديه قدرات خارقة تجعله يحل مشكلات الآخرين المادية!!
والذين يعانون من أمراض مزمنة هم أكثر الناس شراء للوهم، وينتهي بهم الأمر في غالب الأحوال وهم يشترون أمراضا إضافية قاتلة، لأنهم يجربون كل ما يُزعم أنه فعال.. الأسبرين مثلا علاج لأمراض وأعراض كثيرة، ولكن جرعة صغيرة منه قد تسبب للبعض نوبات قاتلة من الربو أو نزف القرحة، فما بالك بالأدوية العشبية غير المجربة حسب الأصول المتعارف عليها!!
والذين يعانون من أمراض مزمنة هم أكثر الناس شراء للوهم، وينتهي بهم الأمر في غالب الأحوال وهم يشترون أمراضا إضافية قاتلة، لأنهم يجربون كل ما يُزعم أنه فعال.. الأسبرين مثلا علاج لأمراض وأعراض كثيرة، ولكن جرعة صغيرة منه قد تسبب للبعض نوبات قاتلة من الربو أو نزف القرحة، فما بالك بالأدوية العشبية غير المجربة حسب الأصول المتعارف عليها!!
أقول هذا وأنا ومنذ زمن طويل أؤمن بما يسمى بالطب البديل والطب الطبيعي، وهناك علل طارئة ألجأ عند إصابتي بها إلى مخزون العلف الذي أجلبه من السودان، لأنني أعرف أنه سيقيل عثرتي المرضية كما فعل مع أمي وجدتي وأسلافي الذين كانوا يتداوون بما توفره بيئتهم الطبيعية، ولكنني لست على استعداد لشراء تجربة أشخاص آخرين، فإذا قال لي شخص ما إنه يعرف عشرة أشخاص شربوا النعناع الأخضر مطبوخا بالفانيلا ومصران تيس لم يبلغ الحلم، ثم استغنوا عن النظارات الطبية، فإنني لا أتردد في أن أقترح عليه أن يرشح نفسه لجائزة نوبل أو هُبل في الطب!!...
وهناك اليوم مئات الآلاف الذين لو شكوت أمامهم من علة ما، قالوا لك إن مريم نور قالت إن شرب اليانسون بالزبادي مع ارتداء قميص كحلي يزيل تلك العلة!! تشكو من أن زوجتك صارت تصنع الحلوى من الكوسا نكاية بك، فيرد عليك أحدهم بأن مريم نور قالت إن الإنسان إذا أكل كوسا محشوة بالفراولة وهو نائم يتحول شعره الشائب إلى بلوند أي أشقر!!
أعرف أن مريم نور مؤهلة في مجال العلاج الماكروبيوتيكي، وأن لها تجربة شخصية في التخلص من السرطان دون علاج كيميائي أو إشعاعي، ولكن ما يصلح لمريم نور لا يصلح بالضرورة لفرفور أو بدور!! ومهما كان عمق معرفة مريم نور بالطب البديل فلا يمكن أن تقنعني بأنها "بتاعت كله" ولها لكل داء دواء!! الكثير مما تقوله مريم نور مفيد وعلمي، ولكن أخصائي أمراض المخ والأعصاب مثلا لا يحدث الناس عن سبل التداوي من التهابات الأنف والقولون وانحراف ضرس العقل، فرغم أنه يعرف الكثير عنها في سياق دراسة الطب العام إلا أنه يترك مثل ذلك العيش لخبازيه!! باختصار لا أريد أن تتحول مريم نور إلى CULT أو "شيخ طريقة"، وأن نتحول ومعنا أمراضنا إلى حواريين ندين لها بالطاعة العمياء.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 1407