الـــرديّـــف...بقلم: برهان بسيّس
بلغ الوضع في منطقة الرديّف بعد أحداث يوم الجمعة الفارط منعرجا خطيرا يتطلّب وضع ملفات ما عرف باحتجاجات الحوض المنجمي موضع التناول الباحث عن أقصى درجات الجديّة والنجاعة والمسؤولية.
لا أحد في تونس بامكانه ان يرتاح او يهنأ لسماع صوت الرصاص الحيّ أو رؤية الزجاجات الحارقة فهذه الصورة لا يوجد فيها منتصر او مهزوم بل يوجد فيها فقط تونس غير مألوفة تستدعي نفسها فورا وعاجلا بعيدا عن كل أشكال المزايدة الى الاختلاء بعقلها طرحا لكل الأسئلة ونقاشا جديّا وصريحا وشاملا حول كل الإشكالات.
ينبغي أن تردم هذه الأحداث في قاع الذكريات الأليمة ولا يمكن ان يتم ذلك الا بتفعيل التواصل بين مطالب الأهالي وسلطة القرار عبر قنوات واضحة ونشيطة وحوار مباشر لا يتم داخل الجدران التقليدية التي تراجعت الثقة في قدرتها على تأطير تواصل طبيعي ناجع بين مختلف الأطراف.
لا أحد في تونس بامكانه ان يرتاح او يهنأ لسماع صوت الرصاص الحيّ أو رؤية الزجاجات الحارقة فهذه الصورة لا يوجد فيها منتصر او مهزوم بل يوجد فيها فقط تونس غير مألوفة تستدعي نفسها فورا وعاجلا بعيدا عن كل أشكال المزايدة الى الاختلاء بعقلها طرحا لكل الأسئلة ونقاشا جديّا وصريحا وشاملا حول كل الإشكالات.
ينبغي أن تردم هذه الأحداث في قاع الذكريات الأليمة ولا يمكن ان يتم ذلك الا بتفعيل التواصل بين مطالب الأهالي وسلطة القرار عبر قنوات واضحة ونشيطة وحوار مباشر لا يتم داخل الجدران التقليدية التي تراجعت الثقة في قدرتها على تأطير تواصل طبيعي ناجع بين مختلف الأطراف.
لقد انتهت صلوحيّة الصورة التقليديّة لمسؤولين يتنقلّون الى الجهات للقاء موظفين اداريين تدعوهم الاستدعاءات الرسميّة لحضور اجتماعات الإعلان عن الاجراءات ونوايا المشاريع المستقبليّة لتنفضّ اللقاءات تماما بنفس ايقاعات بدايتها واشتغالها الأبدي.. خطب وتصفيق ثم تصفيق وخطب.. أما القلوب فلا يعلم ما فيها الا الله وأما أصحاب المشاكل والمكتوون بنارها فهم خارج هندسة القاعة المغلقة.
لا ينبغي ان تكون لنا عقد في مواجهة مشاكلنا بالصراحة المطلوبة لأن الخوف والتوجّس من المصارحة والمطارحة هو ما يفعل فعل التهويل والإثارة والتضخيم ذاك الذي تركبه كل أمواج الإساءة الى صورة البلد والاضرار بمصالحها.
حصل الذي حصل في الرديّف بمثل ما يمكن ان يحصل في أي بلد من العالم لكن المطلوب فعلا هو استنفار كل القوى والطاقات حتى لا يتكرر ما حصل، خطاب المصارحة والنقد الذّاتي مطروح في مثل هذه السياقات، ليست الدولة في موقع المعصوم الذي لا يخطىء ولا المحتجّين وحركة الشارع في موقع من لا يخطيء أيضا.
تونسيّتنا تفرض علينا الإسراع بطيّ الصفحة لا عبر الأسلوب الخاطىء بالسكوت عن المشاكل والصعوبات والأخطاء وجعل هذا السكوت الوسيلة الأفضل لدى البعض ممّن يخفي المشكلة فيساهم في ازدياد حدّتها بل بأسلوب المصارحة والحوار وتسليط الضوء الكاشف الحيّ والمركز على المصاعب والإشكالات والإستئناس بكل الآراء المقترحة للحلول شريطة ان يكون سياق هذا المنهج هو أولويّة المصالح العليا للوطن تلك التي ينبغي ان تلغي كلّ اختلاف حين يطرح في فضاءات المزايدة الخارجيّة بقدر ما ينبغي ان ترعى هذا الإختلاف وتوفر له مجالات التعبير والتجلّي والحوار داخل فضاءاتنا الوطنيّة.
بات واضحا ان تجديدا في أسلوب التعاطي مع المشكلات والمصاعب الطبيعية التي يمكن ان يواجهها أي جسم اجتماعي او سياسي يطرح نفسه بشكل ملحّ لأنه من غير الممكن ولا المعقول في تونس الجديدة الفخورة بنخبها وذكاء أبنائها أن يعتقد البعض ان منوعة ترفيهيّة مهترئة متآكلة تسوّق بأسلوب خشبي ممل للانجازات المحققة في مناطق البلاد ـ ومنها ولاية قفصة ـ تستطيع ان تساهم في حلّ مشاكل الناس او ان برنامجا عن أنواع الحيتان في المحيط الهادي ليلة اليوم الحزين لأحداث الرديّف يمكن ان يكون صورة لشعار اعلام يخدم.. اعلام يعكس.. اعلام ينقل.. اعلام يساند.. اعلام يساعد.. ببساطة لا يمكن ان يكون ما رأيناه صورة لاعلام وكفى.
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 13599